قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاَّ ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ
____________________________________
خاص بالله لا يشترك معه في هذا العلم أحد.
[١٨٩] إن الساعة غيب لا يعلمه إلا الله ، وكذلك سائر الأمور الغائبة عن الحواس ، وإن كنت أنا ـ الرسول ـ أعلم الغيب بذاتي ، لكنت أعلم ما يضرّني فاجتنبه وما ينفعني فارتكبه (قُلْ) يا رسول الله لهؤلاء السائلين : (لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا) فإنني لا أقدر على جلب نفع ولا دفع ضرر (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) فما شاء أن يملكني إياه ؛ أتمكن منه ، وما لم يملكني إياه ؛ لا أتمكن منه ، وهذا كما ملّك سبحانه الرسول بعض المنافع ودفع عنه بعض المضارّ ، نعم الرسول أكثر ملكا حيث أنه مزوّد بقسم من الحصانة وعلم الغيب (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ) علما مطلقا كما يعلمه الله سبحانه ، فإن الرسول لم يكن يعلم الغيب بذاته ، وإنما بمقدار علم الله سبحانه ، كما قال سبحانه : (فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً* إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) (١) ، (لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) أي أكثر من الأشياء الخيرة كالشراء الرخيص أيام الرخص لأيام الغلاء ، وغيره مما لو عرفه الإنسان لانتفع به كثيرا (وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) الذي يمكن دفعه ، فإن الإنسان إذا عرف أن هذا الغذاء يضره أو هذا الشخص يقتله ، أو هذا السفر يؤذيه ـ مثلا ـ لأجتنبها.
ومن الغريب أن بعض الناس يتمسكون بمثل هذه الآية لعدم معرفة الرسول بالأشياء المستقبلية إطلاقا ، إنه ليس إلا كتمسك المجبرة بقوله
__________________
(١) الجن : ٢٧ و ٢٨.