عَلِيمٌ (٢٠٠) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١) وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (٢٠٢)
____________________________________
لقولك (عَلِيمٌ) بقصدك وما عرض لك.
[٢٠٢] ثم بيّن سبحانه أن هذه قاعدة المؤمنين كلما ألقى الشيطان في قلوبهم ميلا وزيغا ، أدركتهم الفطنة ، فلم يميلوا إليه (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا) بأن جعلوا التقوى شعارهم ، وذاقوا حلاوتها وصارت ملكة وعادة عندهم (إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ) بأن أتاهم من يطوف من الشياطين على قلوب بني آدم ، فأراد إغواءهم ، وميلهم عن الحق ، وأعمى قلوبهم ، وزين في نفوسهم الشهوات. وقد دلت الأدلة الشرعية والعلمية (١) على أن في الجو أرواح شريرة شأنها الإغراء والإغواء ، ولا يراها الإنسان.
(تَذَكَّرُوا) وأدركتهم ملكة التقوى الكامنة في نفوسهم (فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) يبصرون الطريق ولا يعمهون عن الحق ، ولا يتمكن الشيطان من تغشية قلوبهم بغشاء الشهوات والمغريات.
[٢٠٣] هذا شأن المتقين الذين لا يسايرون الشياطين في إغوائهم وإغرائهم (وَ) أما (إِخْوانُهُمْ) أي إخوان الشياطين الذين لا تقوى لهم ليرتدعوا عن المعاصي والآثام فإنهم (يَمُدُّونَهُمْ) أي يمدون الشياطين ويسايرونهم (فِي الغَيِ) والضلال ، فإذا مس العاصي طائف من الشيطان عمل بما يوحي إليه ، وكان ذلك إمدادا للشياطين ، لأنه مشى في ركابهم ، ومسايرة لهم (ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) بل يذهبون إلى آخر
__________________
(١) المس الروحي / عبد الرزاق نوفل.