إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ
____________________________________
جاءوا من مكة لإنقاذ القافلة ـ بقيادة أبي جهل على الضفة الأخرى البعيدة من المدينة ، وبين الفريقين ربوة ، أما القافلة فقد مال بها أبو سفيان إلى سيف البحر أسفل من الجيش ، ولم يكن كلا الجيشين يعلم بموقع الجيش الآخر حتى أنه لو كان بينهما موعد للقاء لم يجتمعا بهذه الكيفية ولكن الله جمعهما على جانبي الربوة لينصر المسلمين على الكفار ويرى الجميع من الدلائل الباهرة ما يكفي لإتمام الحجة ، وقد رأى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في الرؤيا جيش المشركين قليلا فأخبر أصحابه بذلك ، فاستبشروا وتشجعوا وأقدموا على القتال ، ولو رآهم كثيرا وأخبر أصحابه بذلك لخافوا ووجلوا فيفشلوا ، ولم تكن الرؤيا كاذبة فإنهم بعددهم الكثير كانوا قليلا في الواقع بالنسبة إلى قواهم المعنوية الضئيلة.
والقرآن الحكيم يبيّن هذا الطرف من القصة بقوله سبحانه : (إِذْ أَنْتُمْ) «إذ» متعلق بقوله : (وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا) أي أن إنزالنا كان في وقت كنتم أيها المسلمون (بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا) مؤنث «أدنى» أي العدوة القريبة من المدينة ، و «العدوة» شفير الوادي ، فإن لكل وادي عدوتان أي جانبان (وَهُمْ) أي الكفار (بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى) مؤنث «الأقصى» بمعنى البعيدة ، أي في الطرف البعيد من الوادي ، وبعده باعتبار المدينة المنورة (وَالرَّكْبُ) أي قافلة قريش التجارية ، وهو جمع «راكب» ، كصاحب وصحب (أَسْفَلَ مِنْكُمْ) أي في مكان أسفل منكم إلى جانب البحر ، وليس المراد ب «الأسفل» الانخفاض بل الأبعد.