وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ
____________________________________
والفائدة في ذكر هذه المواطن الإخبار الدال على قوة المشركين وضعف المسلمين وإن غلبتهم في مثل هذه الحالة كان بأمر إلهي وذلك أن العدوة القصوى كان فيها الماء ولا ماء بالعدوة الدنيا ، وكانت رخوة تسوخ فيها الأرجل وكانت العير وراء ظهورهم مع كثرة عددهم فكانت الحماية دونها تضاعف حميتهم وتحملهم على أن لا يبرحوا مواطنهم ويبذلون نهاية جهدهم ، ومع ذلك فقد نصر الله المسلمين.
(وَلَوْ تَواعَدْتُمْ) أنتم والكفار على اللقاء في مكان واحد (لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ) فإنكم كنتم تخافونهم لكثرتهم واستعدادهم ، وهم كانوا يخافونكم لشدة بطشكم ، وما أدخل في قلوبهم من الرعب منكم ، فقد كانت أسباب عدم القتال ، أو القتال بهزيمتكم متوفرة (وَلكِنْ) شاء الله سبحانه وقدّر أن يجمعكم بهذه الكيفية وينصركم عليهم (لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً) أي ينفذه ويأتي به إلى الوجود (كانَ مَفْعُولاً) أي واجبا أن يفعل ومقدرا أن يكون ، فقد قضى سبحانه إعزاز الإسلام ونصرة المسلمين.
وإنما قضى ذلك (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ) أي ليموت من يموت من الكافرين بعد تمام الحجة عليه ، فإن نصر المسلمين بتلك الكيفية كان من البراهين الدالة على صدق الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فمن لم يؤمن بعد ذلك ومات ، كان هلاكه بعد إتمام الحجة عليه (وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) أي يعيش من عاش منهم بعد إتمام الحجة عليه ، وهذا كما