وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (٤٢) إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ
____________________________________
يقال : «أتممت الحجة على الأحياء والأموات» ، أو المراد من «الهلاك والحياة» الكفر والإسلام ، فقد تقدم أن الحياة الكاملة في الإسلام ، كما أن الكافر ليس إلا ميتا في كثير من الأمور الحيوية ، ولذا يقال عن المؤمن أنه حي ، وعلى الكافر أنه ميت ، كما قال سبحانه : (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) (١) ، (وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ) لأقوالكم (عَلِيمٌ) بضمائركم ، فإن الحرب غالبا مثار كلام غير لائق ونيات سيئة ، ولذا يذكّرهم سبحانه بوجوب حفظ الألسنة والضمائر عن السوء.
[٤٤] وقد ذكر ما تقدم من نزول النصر (إِذْ يُرِيكَهُمُ) أي يريك (اللهُ) الكفار (فِي مَنامِكَ) يا رسول الله (قَلِيلاً) لتخبر بذلك المؤمنين فتقوى قلوبهم (وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً) أي أراك الله الكفار كثيرا ، ثم أخبرت بذلك المؤمنين (لَفَشِلْتُمْ) أيها المؤمنون وضعفت عزيمتكم في قتالهم ، فإن الفشل هو الضعف عن فزع وخوف (وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ) أي في أمر محاربتهم حيث كنتم ترهبونهم ، فيقول بعضكم : نقاتلهم ، ويقول بعض : لا نقاتلهم (وَلكِنَّ اللهَ سَلَّمَ) أي سلّم المؤمنين عن الفشل والتنازع واختلاف الكلمة (إِنَّهُ) سبحانه (عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي بما يدور في صدور الناس من الوساوس وتقلّب
__________________
(١) الأنفال : ٢٥.