(٤٣) وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ
____________________________________
وجوه الرأي. وقد ذكرنا أن «الإراءة قليلا» لم تكن كذبا بل باعتبار أن الإنسان القوي دائما يرى الكثير قليلا ، بخلاف الإنسان الجبان الذي يرى القليل كثيرا ، هذا بالإضافة إلى أنه محسوس مجرّب ، مبسوط في علم النفس ومشروح.
[٤٥] وحيث تقابل الجيشان رأى المسلمون قلّة المشركين ، لما كانوا يحملونه من القوة في نفوسهم والتصميم والإرادة بتسديدهم وعزمهم ، ورأى المشركون قلة المسلمين حيث كانوا قليلا عددا ، فإن المسلمين كانوا ثلاثمائة وثلاث عشر بينما كان الكافرون بين التسعمائة والألف ، وحيث كان كل فريق يرى خصمه قليلا تجرّأ الطرفان على القتال مما أدى إلى نصر المسلمين (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ) أي يريكم الله أيها المؤمنون ، الكافرين (إِذِ الْتَقَيْتُمْ) أي في زمان لقائكم وإياهم في ساحة القتال (فِي أَعْيُنِكُمْ) أي في نظركم (قَلِيلاً) فكان الكفار في نظر المسلمين قليلين لما عندهم من الإرادة والقوة.
ومن المعلوم أن الحالات النفسية تؤثر في حواس الإنسان الظاهرة ، وقد كان هذا بإرادة الله سبحانه حيث قوّى نفوس المسلمين حتى يروا الكافرين قليلين فيطمعوا فيهم (وَيُقَلِّلُكُمْ) أيها المؤمنون (فِي أَعْيُنِهِمْ) أي أعين الكافرين ، فقد أراد الله سبحانه أن يقلل المؤمنين في نظر الكافرين لئلّا ينسحبوا عن قتالهم ، فلا ينال المؤمنون منهم نيلا ، وقد كان ذلك سبب غرور الكافرين فقد كان أبو جهل يقول لأصحابه : خذوا المسلمين بالأيدي أخذا ولا تقاتلوهم.