لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥)
____________________________________
وإنما فعل ذلك سبحانه ، بأن قلّل كل جانب في نظر الجانب الآخر (لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) أي ينفذ إرادته في غلبة المسلمين ، التي كانت قد قدّرت. وقد كررت هذه الجملة تأكيدا ، ولإفادة أن النصر كما كان من عند الله ، كان التقليل من عنده أيضا (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) فإن الأمور كما كانت بقدر الله وقضائه ، كذلك تكون مصائر الأمور إليه ، فبيده المبدأ والمعاد ، وهذا التشجيع للمسلمين في أن يقدموا ، فإن المبدأ والمنتهى بيد ناصرهم ومعينهم وهو الله سبحانه.
[٤٦] وحيث بيّن سبحانه كيف أنه نصر المؤمنين في موقعة بدر مع كون القوى المادية كانت بجانب الكافرين ، أمر المسلمين أن يثبتوا أمام كل مشكلة ، فإن الله بجانبهم دائما (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً) كافرة أو مخالفة ، ممن عتي عن أمر الله سبحانه (فَاثْبُتُوا) ولا تنهزموا أمامهم ، فإن الثبات يوجب النصر ، وبالعكس الانهزام والفرار يوجبان الفشل والخسران (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً) مستعينين به في الحرب والدعوة ، فإن ذكر الله سبحانه يشجّع الإنسان ويقوّي فيه العزيمة ، كيف والإنسان بتكرار الذكر ، تتكون فيه ملكة الاتصال بالقوى الكونية ، هذا بالإضافة إلى أن نصرة الله سبحانه توجب قوة وطاقة خارقة في النفس ، كما ثبت في علم النفس (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي لكي تنجحوا وتظفروا وتفوزوا بخير الدنيا والآخرة.