وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٤٧)
____________________________________
[٤٨] (وَلا تَكُونُوا) أيها المؤمنون (كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) من أهل مكة (بَطَراً) «البطر» الخروج من موجب النعمة بالكفر ، من «بطر» يعني «شق» ، ومنه «البيطار» لأنه يشق اللحم بالمبضع ، فقد خرج الكفار من مكة بالمعازف والطبول (وَرِئاءَ النَّاسِ) فإنهم لما خرجوا ملئوا خوفا ورعبا من المسلمين ، ولكن خرجوا ليظهروا أنهم لا يبالون بالمسلمين ويظهروا شوكتهم (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) هذا مقابل قولهم أنهم أولى بالبيت من المسلمين. والمراد ب «الصد» المنع عنه ، حيث كانوا يقفون دون تبليغ الأحكام (وَاللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) إحاطة علم وقدرة فيجازيهم بما عملوا.
قال ابن عباس : أنه لما رأى أبو سفيان أنه أحرز عيره ، أرسل إلى قريش أن ارجعوا ، فقال أبو جهل : والله لا نرجع حتى نرد بدرا ـ وكان بدر موسم من مواسم العرب يجتمع لهم بها سوق كل عام ـ فنقيم بها ثلاثا ننحر الجزور ونطعم الطعام ونسقي الخمور وتعزف علينا القيان وتسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا أبدا (١).
وإلى هذا أشارت الآية الكريمة ، فإن المسلمين يجب أن يكونوا مؤدبين بآداب الله سبحانه حتى في حالة الحرب.
[٤٩] في موقعة بدر جاء إبليس إلى كفار مكة في صورة سراقة بن مالك فقال لهم : إني جار لكم ادفعوا إليّ رايتكم. فدفعوها إليه وجاء
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٩ ص ٢٣٦.