اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٦٠) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦١) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ
____________________________________
(اللهُ يَعْلَمُهُمْ) حيث يعلم ما بطن من الأمور.
وهذا درس للمسلمين بأن يستعدوا لأي عدو لئلّا يباغتوا (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ) فإن الحرب تحتاج إلى الإنفاق ، ولذا يقرن غالبا الجهاد بالإنفاق في الآيات الكريمة (يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) أي يرجع إليكم في الدنيا بالغنيمة وشبهها ، وفي الآخرة بالثواب الجزيل (وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) لا يظلمكم الله تعالى بأن يعطيكم أقل مما أخذ منكم.
[٦٢] (وَإِنْ جَنَحُوا) الجنوح : الميل ، ومنه جناح الطائر لأنه يميل به في أحد طرفيه ، أي إن مال الكفار (لِلسَّلْمِ) وعدم الحرب (فَاجْنَحْ لَها) أي مل إليها واقبلها منهم ، و «السلم» مؤنث سماعي ، ولذا جيء بالضمير مؤنثا (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) أي فوّض أمرك إليه ، فلا تخف أن تفوتك الفرصة ، فإن السلم أحرى أن تلين القلوب فيه ويكفي مؤونة أتعاب الحرب (إِنَّهُ) سبحانه (هُوَ السَّمِيعُ) لأقوال الطرفين (الْعَلِيمُ) بنياتهم ، فلا يفوته غدر غادر وسلم مسالم. ومن المعلوم أن الجنوح للسلم إذا كان من مصلحة المسلمين فلا ينسخ قوله : (قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ) (١) ، هذه الآية ، بل كلّ في مقام المصلحة.
[٦٣] (وَإِنْ يُرِيدُوا) أولئك الذين يجنحون للسلم (أَنْ يَخْدَعُوكَ) بأن
__________________
(١) التوبة : ٣٦.