فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (٦) كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ
____________________________________
(فَأَجِرْهُ) وأعطه الأمان (حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) وحيث أن كلام الرسول هو الوحي ، كما قال سبحانه : (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (١) ، كان كلامه صلىاللهعليهوآلهوسلم كلام الله تعالى (ثُمَ) إن أسلم ، كان له ما للمسلمين ، وإن لم يسلم ف (أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) أي أرجعه إلى محل أمنه ، بأن يكون في حمايتك حتى يبلغ مكانه ، لئلّا يغدر به في الطريق ، وهذا كان كافرا حربيا ، بعد عدم قبوله الإسلام إلّا أنه حيث جاء لغرض صحيح ، لا يجوز قتله حتى يبلغ مأمنه (ذلِكَ) الأمان لمريد فهم الإسلام بسبب أنهم (قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ) حقيقة الإسلام ، فهذا الأمان سبب لدخول بعضهم في الإسلام.
[٧] ثم بيّن سبحانه وجه تبرؤ الرسول من العهود بعد أربعة أشهر بقوله : (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ) وقد غدروا وظاهروا الأعداء ، وهل العهد يبقى مع ذلك؟ وقد كان ضرب المدة أربعة أشهر من سماحة الإسلام ، وإلّا فقد استحق الغادرون أن يجهز عليهم فور غدرهم (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ) معهم (عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) فإنهم لم يغدروا ، وكان استثناؤهم وحدهم دون سواهم ، وقد كانوا كثيرين ـ كما عرفت ـ لأنهم «الفرد» الظاهر السابق إلى الذهن ، والمراد بأولئك : هم قبائل بكر ،
__________________
(١) النجم : ٥.