وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ (٢٧) قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ (٢٨)
____________________________________
مشتق من «بدا» بمعنى ظهر (وَما نَرى لَكُمْ) يا نوح وللمؤمنين بك (عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) في ثروة أو مكانة اجتماعية ، فكيف نتبعك؟ وقد ظنوا أن الرسالة من جنس هذه الأعراض الدنيوية ، فاللازم أن تكون الفئة المؤمنة من أصحاب الأموال والمناصب ، وقد غفلوا عن أن الرسالة من المناصب الروحية لا يتحملها إلا من اختاره الله وجعل نفسه أكمل الأنفس ، وليست من المناصب الدنيوية التي تحتاج إلى ثروة وكبرياء. وهكذا هم أهل الدنيا يستصغرون دائما أهل الدين ، إذا خلت أيديهم من المال والجاه.
(بَلْ نَظُنُّكُمْ) يا نوح أنت والمؤمنين بك (كاذِبِينَ) في دعوى النبوة وما أتيت به ، وتبعك هؤلاء عليه من الدين.
[٢٩] (قالَ) نوح في جوابه لكفار قومه : (يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ) أخبروني (إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) على برهان وحجة يشهدان لي بصحة الدعوى وصدق النبوة ، وبأني أتيت بالمعجزات ، أفلا تصدقونني؟ وتنسبوني إلى الكذب أيضا (وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ) أي جعلني نبيا وخصّني بهذه المنزلة الرفيعة من بين البشر (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ) خفيت عليكم لعدم تهيؤكم لقبول تلك البينة ، (أَنُلْزِمُكُمُوها) نجبركم على المعرفة والبينة (وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ) أي تكرهون البينة والمعرفة ولا تتدبرونها ، والحاصل أن لي بينة ، لكن أنتم تكرهون رؤيتها والتدبّر فيها ، وإنما لا ألزمكم وأجبركم على التدبر لأنه «لا إكراه في الدين».