____________________________________
في القرآن فباب التأويل واسع ، ف ((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) (١) يراد به انشقاق بعض الأقمار التي دل العلم على وجودها سابقا ثم صارت منشقة بصورة هائلة أي : ابتعاد الأنجم بعضها عن بعض. و ((وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ* تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) (٢) كانت أسراب طير معها «ميكروب» الوباء فلما اختلطت بالناس ، عدى المرض إليهم فماتوا بالوباء ، وما أشبه هذه التأويلات .. وهكذا هلمّ جرا.
حتى أن بعضهم ـ وهو مؤمن بالله واليوم الآخر ، طبعا ـ ذكر أن المراد ب «الإله» القوة المسيّرة للكون أو الطاقة المحركة للحياة ، و «المعاد» هو حساب التاريخ للإنسان ، و «الجنة» ذكره الطيب المنبعث عن أعماله الحسنة ، و «النار» ذكره السيئ المنبعث عن أعماله القبيحة ..
فلنتساءل : أي فرق بينكم أيها المؤمنون! وبين الماديين؟ وهل أحد ينكر الطاقة ومحاسبة التاريخ والذكر الحسن والسيئ؟ وإذا سألت هؤلاء المنهزمين ، ماذا تصنعون بالنصوص والتصريحات؟ أجابوا بأنها على سبيل الكناية والمجاز ، حسب فهم العرب المخاطبين ..
نقول : إن المؤمن هو من يؤمن بكل نص ، أما أن يكون الإنسان ماديا قلبا ، مسلما صورة فليس ذاك إلا النفاق ، والانهزام أمام بريق الغرب المادي .. ومثل هذه الانهزامية في العقائد ، والانهزامية في الأحكام ، كمن يقول إن الإسلام جمهوري لقوله تعالى في قصة بلقيس : (فَما ذا تَأْمُرُونَ) (٣)؟ ، أو برلماني ، لقوله تعالى : (وَأَمْرُهُمْ
__________________
(١) القمر : ٢.
(٢) الفيل : ٤ و ٥.
(٣) الأعراف : ١١١.