وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ
____________________________________
أخرجتيه بسبب تفجّر العيون ، وقد أريد بذلك : نشف الماء دفعة كأنه بلع له (وَيا سَماءُ أَقْلِعِي) أي قال تعالى للسماء : أمسكي المطر ولا ترسلي الماء إلى الأرض. فبلعت الأرض ماءها ، وأمسكت السماء عن المطر. وهل أن المراد من «ابلعي ماءك» جميع الماء الموجود فيها ولو كان الماء النازل من السماء ، أم خصوص مائها ، وبقي ماء السماء وتسرب في المسارب والمنحدرات؟ احتمالان.
وقد روي عن الأئمة الطاهرين عليهمالسلام : أن الماء بقي ، وصار بحارا وأنهارا (١).
أقول : إن العلم الحديث دلّ على كون الجبال كلها كانت غامرة في الماء ، حتى أرفع الجبال كانت كذلك ، وقد وجد فيها آثار للماء والحيوانات المائية ، ولعل ذلك ـ إن صح ـ كان من وقت الطوفان حيث دلّ الدليل على غمر الماء لكل الجبال.
وهل أن الخطاب حقيقي لشعور السماء والأرض بالأمر والنهي ، بمقتضى ((وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) (٢) ، أو المراد نتيجة ذلك ، من باب خطاب العارف نحو : «أيا جبلي نعمان بالله خليا». احتمالان؟ ولا يبعد الأول ، كما قال سبحانه : (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (٣) ، وهكذا أمثالها ، مما ظاهره شعور السماء والأرض.
(وَغِيضَ الْماءُ) أي ذهب الماء من وجه الأرض إلى باطنها من
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١١ ص ٣٠٤.
(٢) الإسراء : ٤٥.
(٣) فصلت : ١٢.