مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ (٤٥) قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
____________________________________
مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُ) فقد وعدتني بنجاة أهلي فنجّه من الغرق ، أو من العذاب في الغرق ، فإن كان المراد الأول ، فلعلّ نوحا لم يكن يعرف مصير ولده هل أنه غرق أم لا (وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ) أي إن حكمك أصح الأحكام ، فلا تحكم في ولدي أو غيره إلا بالصحيح.
[٤٧] (قالَ) الله سبحانه في جواب طلب نوح عليهالسلام : (يا نُوحُ إِنَّهُ) أي ولدك (لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) فإن الأهل الذين وعدت بنجاتهم ليس أهل لحم ودم ، وإنما أهل عقيدة وإيمان (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) قد يبالغ في نسبة الفعل إلى شخص حتى يجعل ذلك الشخص نفس الفعل ، كما يقال : «زيد عدل» مع العلم أن زيد ليس قطعة من العدل وإنما هو ذو عدل ، ولكن البلاغة تقتضي ذلك. وهنا كذلك ، فإن ابن نوح لما كان يعمل الأعمال الفاسدة ، صار كأنه قطعة منها ، فقيل : «إنه عمل غير صالح» ، كما يقال : «زيد قطعة من فساد» ، يراد أنه منهمك فيه ، أو بتقدير «ذو» أي أنه «ذو عمل غير صالح» كما قال الشاعر : «فإنما هي إقبال وإدبار» أي : «ذات إقبال وإدبار».
وقال بعض أن الضمير في «إنه» يعود إلى سؤال نوح ، أي : إن طلبك بنجاة ابنك عمل غير صالح ، لكن هذا الاحتمال بعيد عن الظاهر.
(فَلا تَسْئَلْنِ) يا نوح (ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) السؤال إنشاء ، والإنشاء لا يتصف بالصدق والكذب ، ومطابقة الواقع وعدم مطابقته ،