هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (٦١) قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا
____________________________________
(هُوَ أَنْشَأَكُمْ) أي ابتدأ خلقكم (مِنَ الْأَرْضِ) إما باعتبار آدم عليهالسلام ، أو باعتبار كل فرد من أفراد البشر ، فإنه كان ترابا ثم صار نباتا ثم مأكولا ، أو حيوانا ثم منيا ثم إنسانا (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها) الاستعمار هو أن يجعل القادر منهم أن يعمّر الأرض ، فإذا قيل : «استعمر زيد عمروا» كان معناه : أنه جعل عمروا قادرا على عمارة الأرض بما هيأ له من الأسباب. فالمعنى أمركم بعمارة الأرض وأقدركم عليها.
وقد روى «النعماني» عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، في تفسير «واستعمركم فيها» : فأعلمنا سبحانه أنه قد أمرهم بالعمارة ليكون ذلك مما جعله الله تعالى سببا لمعايشهم بما يخرج من الحب والثمرات وما شاكل ذلك مما جعله الله تعالى معايش (١).
أقول : ويؤيد هذا المعنى قوله : «أنشأكم».
(فَاسْتَغْفِرُوهُ) أي اطلبوا غفرانه بالتوبة من الشرك والمعاصي وفعل الطاعات (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) بعد أن طهّرتم أنفسكم من الذنوب ، وارجعوا إليه في أخذ الأحكام والطاعة والعبادة (إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ) قرب العلم والاطلاع والغفران ، فليس بعيدا غير عالم ، ولا متكبرا لا يلبي الطلب (مُجِيبٌ) لمن دعاه وطلبه.
[٦٣] (قالُوا) قالت ثمود : (يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا) نرجو
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ١٩ ص ٣٥.