أَلا بُعْداً لِثَمُودَ (٦٨) وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩)
____________________________________
به وأشركوا معه غيره ، وأصل «الكفر» الستر ، كأنهم بعدم الاعتراف ستروا وجه الحقيقة (أَلا) فلينتبه السامع (بُعْداً لِثَمُودَ) عن حسن الذكر في الدنيا والسعادة في الآخرة ، إنهم قد طردوا عن رحمة الله وفضله.
[٧٠] ثم يستعرض القرآن الحكيم القصة الرابعة في هذه السورة بعد قصة نوح وهود وصالح عليهمالسلام بقوله تعالى : (وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا) أي الملائكة وهم جبرائيل وإسرافيل وميكائيل وكروبيل (إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى) أي بشارة إعطائه الولد ـ إسماعيل عليهالسلام ـ بعد أن شاخ ويئس عن الولد. ولعل ذكر هذا الطرف من قصة إبراهيم عليهالسلام لبيان أن الله سبحانه أنجز وعده الذي وعده لنوح بقوله : (قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) (١) ، فقد كانت البركات في أولاد إبراهيم إسماعيل وإسحاق ، والعذاب في أمة لوط.
(قالُوا) أي لما دخلت الملائكة قالت لإبراهيم : (سَلاماً) بهذا اللفظ ، وهذا كناية عن تسليمهم عليه سلاما كاملا ، بأن قالوا ـ مثلا ـ سلام عليكم ، ف (قالَ) إبراهيم عليهالسلام في جوابهم : (سَلامٌ) بهذا اللفظ ، (فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) كأنه قال : «ما أبطأ عن المجيء بالعجل» ، فحذف حرف الجر ووصل الفعل بالمجرور ـ على القاعدة ـ «العجل» ولد البقر ، و «الحنيذ» فعيل بمعنى مفعول من
__________________
(١) هود : ٤٩.