بصلواته (١) عليهم ابتداء وصلوا إلى صبرهم ووقوفهم عند مطالبات التقدير ، لا بصبرهم ووقوفهم وصلوا إلى صلواته ، فلولا رحمته الأزلية لما حصلت طاعتهم بشرط العبودية ، فعنايته السابقة أوجبت لهم هداية خالصة (٢).
قال تعالى : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) لما رحمهم فى البداية اهتدوا فى النهاية.
قوله جل ذكره : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ)
تلك المشاهد والرسوم ، وتلك الأطلال والرقوم ، تعظّم (٣) وتزار ، وتشدّ إليها الرحال (٤) لأنها أطلال الأحباب ، وهنالك تلوح الآثار :
أهوى الديار لمن قد كان ساكنها |
|
وليس فى الدار هم ولا طرب (٥) |
وإن لتراب طريقهم بل لغبار آثارهم ـ عند حاجة الأحباب ـ أقدارا عظيمة ، وكل غبرة تقع على (حافظات طريقهم) (٦) لأعزّ من المسك الأذفر :
وما ذاك إلا أن مشت عليه أميمة |
|
فى تربها وجرّت به بردا |
قوله جل ذكره : (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ).
حظى الصفا والمروة بجوار البيت فشرع السعى بينهما كما شرع للبيت الطواف ، فكما أن الطواف ركن فى النّسك فالسعى أيضا ركن ، والجار يكرم لأجل الجار.
__________________
(١) وردت (بصلواتهم) وهى خطأ من الناسخ لأن السياق يؤدى إلى (صلاته) سبحانه عليهم فى سابق الأزل ، كذلك تشير الآية الكريمة إلى صلاته لا إلى صلواتهم.
(٢) لاحظ هنا معارضة القشيري لفكرة وجوب إثابة المطيع على الله. فالله فى رأى القشيري تنزه عن أن يجب عليه شىء ، لأن طاعة المطيع أو لا فضل من الله ، وليست بفضل العبد.
(٣) وردت (تعظيم) وهى خطأ فى النسخ.
(٤) وردت (الرجال) وهى خطأ فى النسخ.
(٥) إما أن تكون (همّ) صحيحة ، أي لا حزن ولا فرح ، واما أنها فى الأصل (همس) لتناسب الطرب ، وليتناسبا مع خلو الدار من أقل أثر للحياة.
(٦) هكذا وردت فى (ص).