إن أظهرت صحبتك معنا وأعلنت فلقد جوّدت وأحسنت ، وإن حفظت سرّنا عن دخول الوسائط بيننا صنت شروط الوداد ، وشيّدت من بناء الوصلة العماد.
قوله جل ذكره : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٢٧٢))
لك المقام المحمود ، واللواء المعقود ، والرتب الشريفة ، والمنازل العلية ، والسنن المرضية. وأنت سيد الأولين والآخرين ، ولا يدانيك أحد ـ فضلا عن أن يساميك ، ولكن ليس عليك هداهم فالهداية من خصائص حقنا ، وليس للأغيار منه شظية. يا محمد : أنت تدعوهم ولكن نحن نهديهم (١).
قوله جل ذكره : (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢٧٣))
أخذ عليهم سلطان الحقيقة كل طريق ، فلا لهم فى الشرق مذهب ، ولا لهم فى الغرب مضرب. كيفما نظروا رأوا سرادقات التوحيد محدقة بهم :
كأنّ فجاج الأرض ضاقت برحبها |
|
عليهم فما تزداد طولا ولا عرضا |
__________________
(١) من هذه الفقرة يتضح موقف التصوف الإسلامى الحق في نظرته إلى الرسول صلوات الله عليه وليس في الأمر ـ كما ترى ـ جموح أو شطط (قارن ذلك بنظرة ابن عربى وتلاميذه).