أخبر أنهم أبرموا عهودهم أن لا يزولوا (١) عن وفائه ، ولكنهم نقضوا أسباب الذّمام بما صاروا إليه من الكفران ، ثم تبيّن أنّ ما اعتاضوا من ذهاب الدين من أعراض يسيرة لم يبارك لهم فيه.
قوله جل ذكره : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٨٨))
إن من باشر رؤية الخلق قلبه ، ولاحظهم بسرّه فلا تظننّ أنّ عقوبتهم مؤخرة إلى يوم القيامة ، بل ليسوا من العذاب ـ فى الحال ـ بمفازة ، وأىّ عذاب أشدّ من الردّ إلى الخلق والحجاب عن الحق؟
قوله جل ذكره : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٨٩))
الإشارة من هذه الآية هاهنا إلى غناه ـ سبحانه ـ عمّا فى الكون ، وكيف يحتاج إليهم؟! ولكنهم لا يجدون عنه خلفا ، ولا عليه بدلا.
قوله جل ذكره : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ)
الآيات التي تعرّف الحق سبحانه وتعالى بها إلى العوام هى التي فى الأقطار من العبر والآثار ، والآيات التي تعرّف بها إلى الخواص فالتى فى أنفسهم. قال سبحانه : (سَنُرِيهِمْ
__________________
(١) وردت (ان لا يزالوا) ونرجح انها فى الأصل (ان لا يزولوا) لأن هذه مناسبة للمراد من الآية ، ومن سياق المعنى ، ولو كان حرف الجر (على) بعدها لقبلنا (لا يزالوا).