لكان ذلك خيرا لهم من إصرارهم على كفرهم واستكبارهم. ولو أنهم فعلوا ذلك لآتيناهم من عندنا ثوابا عظيما ، ولأرشدناهم صراطا مستقيما ولأوليناهم عطاء مقيما.
والأمر ـ على بيان الإشارة ـ يرجع إلى مخالفة الهوى وذبح النفوس بمنعها عن المألوفات ، والخروج من ديار (تقبّل النّفس) (١) ، ومفارقة أوطان (إرادة) (٢) الدنيا.
قوله جل ذكره : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (٦٩) ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً (٧٠))
جعل طاعة المصطفى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مفتاح الوصول إلى مقامات النبيين والصديقين والشهداء على الوجه الذي يصحّ للأمة وكفى له عليهالسلام بذلك شرفا.
ثم قال : (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ) : جرّد عليهم محلّهم عن كل علة واستحقاق وسبب ؛ فإن ما لاح لهم وأصابهم صرف فضله وابتداء كرمه.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً (٧١) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (٧٢) وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (٧٣))
__________________
(١) وضع الناسخ (تقبل النفس) فى مكان خاطئ يبهم المعنى إذ وضعها قبل (على بيان الإشارة) والصواب أن تكون في مكانها الذي اخترناه حتى يستقيم السياق.
(٢) وردت (أراد) بدون همز للألف وبدون تاء مربوطة فاخترنا (إرادة) لملاءمتها للسياق.