وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٤٢) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (١٤٣))
خداع المنافقين : إظهار الوفاق فى الطريقة واستشعار الشرك فى العقيدة.
وخداع الحق إياهم : ما توهموه من الخلاص ، وحكموا به لأنفسهم من استحقاق الاختصاص ، فإذا كشف الغطاء أيقنوا أن الذي ظنّوه شرابا كان سرابا ، قال تعالى : (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) (١)
وقوله : (وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا ....) الآية : علامة النفاق وجود النشاط عند شهود الخلق ، وفتور العزم عند فوات رؤية الخلق.
وقوله : (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ ...) الآية : أخسّ الخلق من يدع (٢) صدار العبودية ، ولم يجد سبيلا إلى حقيقة الحرية (٣) ، فلا له من العز شظية ، ولا فى الغفلة عيشة هنية.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً (١٤٤))
__________________
(١) آية : ٤٧ سورة الزمر.
(٢) وردت (تدع) والصواب (يدع) لأن الكلام ليس خطابا ، ومعناها ترك.
(٣) حقيقة الحرية إشارة إلى نهاية التحقق بالعبودية لله تعالى ، وهو ألا يملكك شىء من المكونات وغيرها ، فتكون حرا إذا كنت لله عبدا ، كما قال بشر الحافى لسرى السقطي رحمهماالله فيما حكى عنه أنه قال : إن الله تعالى خلقك حرا فكن كما خلقك ، لا تراء أهلك فى الحضر ، ولا وفقتك فى السفر ، اعمل لله ، ودع الناس عنك.
وقال الجنيد : آخر مقام العارف الحرية.
وقال بعضهم : لا يكون العبد عبدا حقا ويكون لما سوى الله مسترقا (اللمع ص ٤٥٠)