ويقال السلطان المبين لهذه الأمة غدا ، وهو بقاؤهم فى حال لقائهم ـ قال صلىاللهعليهوسلم : «لا تضامون فى رؤيته» (١) ـ فى خبر الرؤية.
قوله جل ذكره : (وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ وَقُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (١٥٤))
ما زادهم فى الظاهر آية إلا زادوا فى قلوبهم جحدا ونكرا ، فلم تنفعهم زيادة نصيب الإعلام ؛ لمّا لم تنفتح لشهودها بصائر قلوبهم ، قال تعالى : (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) (٢).
قوله جل ذكره : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٥٥))
معناه لارتكابهم هذه المناهي ، ولا تصافهم بهذه المخازي ، أحللناهم منازل الهوان ، وأنزلنا بهم من العقوبة فنون الألوان.
ويقال لحقهم شؤم المخالفات حالة بعد حالة ، لأن من عقوبات المعاصي الخذلان لغيرها من ارتكاب المناهي ؛ فبنقضهم الميثاق ، ثم لم يتوبوا ، جرّهم إلى كفرهم بالآيات ، ثم لشؤم كفرهم خذلوا حتى قتلوا أنبياءهم ـ عليهمالسلام ـ بغير حق ، ثم لشؤم ذلك تجاسروا حتى ادّعوا شدة التفهّم ، وقالوا : قلوبنا أوعية العلوم ، فردّ الله عليهم وقال : (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ) فحجبهم عن محلّ العرفان ، فعمهوا فى ضلالتهم.
__________________
(١) «... إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر» البخاري كتاب ٩ باب ١٥ و ٢٦ وكتاب ٦٥ سورة ٤ مفتاح كنوز السنة ص ٥٧.
(٢) آية ١٠١ سورة يونس