قوله جل ذكره : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ).
كلّ مكلّف مطالب بالوفاء بعقده ، والعقد ما ألزمك بسابق إيجابه ، ثم وفّقك ـ بعد ما أظهرك عند خطابه ـ بجوابه (١) ، فانبرم العقد بحصول الخطاب ، والقبول بالجواب.
ويدخل فى ذلك ـ بل يلتحق به ـ ما عقد القلب معه سرّا بسرّ ؛ من خلوص له أضمره ، أو شىء تبيّنه ، أو معنى كوشف به أو طولب به فقبله.
ويقال الوفاء بالعهد بصفاء القصد ، ولا يكون ذلك إلا بالتبرّى من المنّة ، والتحقق بتولي الحق ـ سبحانه ـ بلطائف المنّة (٢).
قوله جل ذكره : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ).
تحليل بعض الحيوانات وإباحتها من غير جرم سبق منها ، وتحريم بعضها والمنع من ذبحها من غير طاعة حصلت منها ـ دليل على ألّا علّة لصنعه.
وحرّم الصيد على المحرم خصوصا لأن المحرم متجرّد عن نصيب نفسه بقصده إليه ، فالأليق بصفاته كفّ الأذى عن كل حيوان.
قوله جل ذكره : (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ).
لا حجر عليه فى أفعاله ، فيخصّ من يشاء بالنّعماء ، ويفرد من يشاء باليلوى ؛ فهو يمضى الأمور فى آباده على حسب ما أراد وأخبر وقضى فى آزاله.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ)
الشعائر معالم الدّين ؛ وتعظيم ذلك وإجلاله خلاصة الدين ، ولا يكون ذلك إلا بالاستسلام عند هجوم التقدير ، والتزام الأمر بجميل الاعتناق ، وإخلال الشعائر (يكون) بالإخلال بالأوامر.
قوله جل ذكره : (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ).
__________________
(١) يشير القشيري إلى قوله تعالى يوم الذر : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا بَلى).
(٢) يفرّق القشيري بين المنة للعبد والمنة للحق.