ولو قطع البقاء عن جميع ما أوجد فأى نقص يعود إلى الصمد؟
قوله جل ذكره : (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٨))
البنوة (١) تقتضى المجانسة ، والحقّ عنها منزّه ، والمحبة بين المتجانسين تقتضى الاحتظاظ والمؤانسة ، والحق سبحانه عن ذلك مقدّس.
فردّ الله ـ سبحانه ـ عليهم فقال تعالى : (بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ).
والمخلوق لا يصلح أن يكون بعضا للقديم ؛ فالقديم لا بعض له لأن الأحدية حقه ، فإذا لم يكن له عدد لم يجز أن يكون له ولد. وإذا لم يجز له ولد لم تجز ـ على الوجه الذي اعتقدوه ـ بينهم وبينه محبة.
ويقال فى الآية بشارة لأهل المحبة بالأمان من العذاب والعقوبة به لأنه قال : (قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ).
ويقال بيّن فى هذه الآية أن قصارى الخلق إمّا عذاب وإمّا غفران ولا سبيل إلى شىء وراء ذلك.
قوله جل ذكره : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٩))
__________________
(١) وردت (النبوة) وهى خطا فى النسخ لأن الإشارة عائدة إلى ما جاء فى الآية :
(نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ)