ويقال المقتصد الذي تساوى فى همّته الفقد والوجود فى الحادثات.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ)
لا تكتم شيئا مما أوحينا إليك ملاحظة لغير ، إذ لا غير ـ فى التحقيق ـ إلا رسوم موضعة ، وأحكام القدرة عليها جارية.
ويقال بيّن للكافة أنك سيّد ولد آدم ، وأنّ آدم دون لوائك.
ويقال بلّغ ما أنزل إليك أنّى أغفر للعصاة ولا أبالى ، وأردّ من المطيعين من شئت ولا أبالى. (١)
قوله جل ذكره : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ).
يحفظ ظاهرك من أن يمسّك أذاهم ، فلا يتسلط بعد هذا عليك عدوّ ، أو يصون سرّك عنهم حتى لا يقع عليه احتشام منهم.
ويقال يعصمك من الناس حتى لا تغرق فى بحر التوهم ؛ بل تشاهدهم كما هم ؛ وجودا بين طرفى العدم.
قوله جل ذكره : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٦٨))
__________________
(١) يتضح من هذه الإشارة شيئان : أولهما مدى اتساع صدور الصوفية للتسامح وفطرتهم المتفائلة إلى سعة الرحمة الإلهية مما يطمئن العصاة ويحمس على التوبة ، وثانيهما مدى مخالفة القشيري للمعتزلة فى مسألة وجوب المثوبة أو العقوبة على الله سبحانه ، فلا وجوب ـ عنده ـ على الله بخلافهم.