وكما أنّ الصيد على المحرم حرام إلى أن يتحلل فكذلك الطلب والطمع والاختيار ـ على الواجد ـ حرام ما دام محرما بقلبه.
ويقال العارف صيد الحق ، ولا يكون للصيد صيد.
وإذا قتل المحرم الصيد فعليه الكفّارة ، وإذا لاحظ العارف الأغيار ، أو طمع أو رغب فى شىء أو اختار لزمته الكفّارة ، ولكن لا يكتفى منه بجزاء المثل ، ولا بأضعاف أمثال ما تصرّف فيه أو طمع ، ولكن كفّارته تجرده ـ على الحقيقة ـ عن كل غير ، قليل أو كثير ، صغير أو كبير.
قوله جل ذكره : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩٦))
حكم البحر خلاف حكم البر. وإذا غرق العبد فى بحار الحقائق سقط حكمه ، فصيد البحر مباح له لأنه إذا غرق صار محوا ، فما إليه ليس به ولا منه إذ هو محو ، والله غالب على أمره.
قوله جل ذكره : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٩٧))
حكم الله سبحانه ـ بأن يكون بيته ـ اليوم ملجأ يلوذ به كل مؤمّل ، ويستقيم ببركات زيارته كلّ مائل عن نهج الاستقامة ، ويستنجح بابتهاله هنا لك كلّ ذى أرب.
والبيت حجر والعبد مدر ، والحق سبحانه ربط المدر بالحجر ليعلم أنه الذي لم يزل لا سبيل إليه للحدثان والغير.