لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٢٨))
استروحوا فى التعلل إلى سلوكهم نهج أسلافهم ، فاستمسكوا بحبل واه فزلّت بهم أقدام الغرور ، وقعوا فى وهدة المحنة.
قوله جل ذكره : (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ)
القسط العدل ، ويقع ذلك فى حق الله تعالى ، وفى حق الخلق ، وفى حق نفسك ؛ فالعدل فى حقّ الله الوقوف على حدّ الأمر من غير تقصير فى المأمور به أو إقدام على المنهىّ عنه ، ثم ألا تدخر عنه شيئا مما خوّلك ، ثم لا تؤثر عليه شيئا فيما أحلّ لك. وأمّا العدل مع الخلق ـ فعلى لسان العلم ـ بذل الإنصاف ، وعلى موجب الفتوة ترك الانتصاف. وأمّا العدل فى حق نفسك فإدخال العتق عليها ، وسدّ أبواب الراحة بكل وجه عليها ، والنهوض بخلافها على عموم الأحوال فى كل نفس.
قوله جل ذكره : (وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ).
الإشارة منه إلى استدامة (شهوده فى كل حالة ، وألا تنساه لحظة فى كلّ ما تأتيه وتذره وتقدمه) (١) وتؤخره.
قوله جل ذكره : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ).
من كانت قسمته ـ سبحانه ـ له بالسعادة كانت فطرته على السعادة ، وكانت حالته بنعت السعادة ، ومن كانت حالته بنعت السعادة كانت عاقبته إلى السعادة ، ومن كانت القسمة له بالعكس فالحالة بالضد ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من كان بحالة لقى الله بها».
__________________
(١) ما بين القوسين موجود فى الهامش أثبتناه فى موضعه من النص.