أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ (٣٨) وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٣٩))
آثار إعراض الحق عنهم أورثت لهم وحشة الوقت ؛ تبرّم بعضهم ببعض ، وضاق كلّ واحد منهم عن كل شىء حتى عن نفسه ، فدعا بعضهم على بعض ، وتبرّأ بعضهم من بعض ، وكذلك صفة المطرودين.
قوله جل ذكره : (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (٤٠) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ)
فلا دعاؤهم يسمع ، ولا بكاؤهم ينفع ، ولا بلاؤهم يكشف ، ولا عناؤهم يرفع.
قوله جل ذكره : (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٤١))
كما أحاطت العقوبات بهم فى الدنيا فتدنّس بالغفلة باطنهم ، وتلوّث بالزّلة ظاهرهم (١) ، فكذلك أحاطت العقوبات بجوانبهم ؛ فمن فوقهم عذاب ومن تحتهم عذاب ، وكذلك من جوانبهم فى القلب من ضيق العيش واستيلاء الوحشة ما يفى ويزيد على الكل.
__________________
(١) نذكّر أن القشيري منذ قليل أوضح أن (ما ظهر من الفواحش هى الزلة وما بطن منها هى الغفلة)