ويقال فى قوله (عَلِيمٌ) تسلية لأرباب البلاء ؛ لأنّ من علم أنّ مقصودة يعلم حاله سهل عليه ما يقاسيه فيه ، قال ـ سبحانه ـ لنبيّه صلىاللهعليهوسلم : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ) (١).
قوله جل ذكره : (ذلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ (١٨))
موهن كيدهم : بتقوية قلوب المؤمنين بنور اليقين ، والثبات على انتظار الفضل من قبل الله ، وموهن كيدهم : بأن يأخذ الكافرين من حيث لا يشعرون ، ويظفر جند المسلمين عليهم.
قوله جلّ ذكره : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ)
قال المشركون ـ يوم بدر ـ اللهم انصر أحبّ الفئتين إليك ، فاستجاب دعاءهم ونصر أحبّ الفئتين إليه. وهم المسلمون ، فسألوا بألسنتهم هلاك أنفسهم ، وذلك لانجرارهم فى مغاليط ما يعلّقون من ظنونهم ، فهم توهّموا استحقاق القربة ، وكانوا فى عين الفرقة وحكم الشّقوة ، موسومين باستيجاب اللعنة بدعائهم ، والوقوع فى شقائهم ؛ فباختيارهم منوا ببوارهم.
ويقال ظنوا أنهم من أهل الرحمة فزلّوا ، فلما كشف الستر خابوا وذلّوا ، فعند ذلك علموا أنهم زاغوا فى ظنهم وضلوا.
قوله جل ذكره : (وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (٢).
فيغفر لكم ما قد سلف من خلاف محمد صلىاللهعليهوسلم.
(فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) ليس المراد منه المبالغة ؛ لأنه يقال هذا خير لك من هذا إذا كان الثاني ليس فيه شر ، وترك موافقتهم للرسول صلىاللهعليهوسلم ـ بكل وجه ـ هو شرّ لهم ، ولكنه أراد به فى الأحوال الدنيوية ، وعلى موجب ظنّهم.
__________________
(١) آية ٩٧ سورة الحجر.
(٢) أخطا الناسخ فى كتابة الآية إذ جاءت هكذا و (إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ).