ويقال لا تقرّوا بلسانكم ، وتصرّوا على كفرانكم.
ويقال من نطق بتلبيسه تشهد الخبرة بتكذيبه.
قوله جل ذكره : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (٢٢))
دواعى الحق بحسن البيان ناطقة ، وألسنة البرهان فيما ورد به التكليف صادقة ، وخواطر الغيب بكشف ظلم الريب مفصحة ، وزواجر التحقيق عن متابعة التموية للقلوب ملازمة. فمن صمّ عن إدراك ما خوطب به سرّه ، وعمى عن شهود ما كوشف به قلبه ، وخرس ـ عن إجابة ما أرشد إليه من حجة ـ فهمه وعقله فدون رتبة البهائم قدره ، وفوق كل (....) (١) من حكم الله ذلّه وصغره.
قوله جل ذكره : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣))
من أقصته سوابق القسمة لم تدنه لواحق الخدمة ، ومن علمه الله بنعت الشّقوة حرمه ما يوجب عفوه.
ويقال لو كانوا فى متناولات الرحمة لألبسهم صدار العصمة ، ولكن سبق بالحرمان حكمهم ، فختم بالضلالة أمرهم.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ)
أجاب واستجاب بمعنىّ مثل أوقد واستوقد ، وقيل للاستجابة مزية وخصوصية (٢) بأنها تكون طوعا لا كرها ، وفرق بين من يجيب لخوف أو طمع وبين من يستجيب لا بعوض ولا على ملاحظة غرض. وحقّ الاستجابة أن تجيب بالكلية من غير أن تذر من المستطاع بقية.
__________________
(١) مشتبهة.
(٢) لاحظ كيف يتفق مذهب القشيري فى المصطلح مع القاعدة اللغوية : زيادة المبنى فيها زيادة المعنى.