قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٦٤))
أحسن التأويلات فى هذه الآية أن تكون «من» فى محل النّصب ؛ أي ومن اتبعك من المؤمنين يكفيهم الله.
ومن التأويلات فى العربية أن تكون «من» فى محل الرفع أي حسبك من اتبعك من المؤمنين.
وقد علم أن استقلال الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان بالله لا بمن سوى الله ، وكلّ من هو سوى الله فمحتاج إلى نصرة الله ، كما أن رسول الله محتاج إلى نصرة الله (١).
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ)
المؤمن لا يزداد بنفسه ضعفا إلّا ازداد بقلبه قوة ، لأن الاستقلال بقوة النّفس نتيجة الغفلة ، وقوة القلب بالله ـ سبحانه ـ على الحقيقة.
قوله جل ذكره : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ ، وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ).
هذا لهم ، فأمّا النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فهو بتوحيده كان مؤمّلا بأن يثبت لجميع الكفار لكمال قوّته بالله تعالى ، قال عليهالسلام : «بك أصول» (٢) ، وفى تحريضه للمؤمنين
__________________
(١) لاحظ كيف تؤثر النزعة الصوفية فى اختيار الفكرة النحوية.
(٢) «اللهم بك أصول وبك أجول وبك أسير».
كان هذا من دعائه صلوات الله عليه ـ إذا أراد سفرا (الإمام أحمد والبزاز عن على كرم الله وجهه ، وقال الحافظ البيهقي : رجاله ثقات).