بعث الله نبيه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بالرحمة والشفقة على الخلق ، وبمسالمة (١) الكفار رجاء أن يؤمنوا فى المستأنف فإن أبوا فليس يخرج أحد عن قبضة العزّة.
ويقال العبودية الوقوف حيثما وقفت ؛ إن أمرت بالقتال فلا تقصّر ، وإن أمرت بالمواعدة فمرحبا بالمسالمة ، (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) فى الحالين فإنه يختار لك ما فيه الخيرة ، فيوفّقك لما فيه الأولى ، ويختار لك ما فيه من قسمى الأمر ـ فى الحرب وفى الصّلح ـ ما هو الأعلى.
قوله جل ذكره : (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٣))
أي إن لبّسوا عليك ، وراموا خداعك بطلب الصّلح منك ـ وهم يستبطنون لك بخلاف ما يظهرونه ـ فإنّ الله كافيك ، فلا تشغل قلبك بغفلتك عن شرّ ما يكيدونك ؛ فإنى أعلم ما لا تعلم ، وأقدر على ما لا تقدر.
هو الذي بنصره أفردك ، وبلطفه أيّدك ، وعن كل سوء ونصيب طهّرك ، وعن رقّ الأشياء جرّدك (٢) ، وفى جميع الأحوال كان لك.
هو الذي أيّدك بمن آمن بك من المؤمنين ، وهو الذي ألّف بين قلوبهم المختلفة فجمعها على الدّين ، وإيثار رضاء الحق. ولو كان ذلك بحيل (٣) الخلق ما انتظمت هذه الجملة ، ولو أبلغت بكلّ ميسور من الأفعال ، وبذلت كلّ مستطاع من المال ـ لما وصلت إليه.
__________________
(١) وردت (بمساملة) وهى خطأ فى النسخ.
(٢) وردت (حررك) بالحاء وهى خطأ فى النسخ والصواب أن تكون بالجيم.
(٣) وردت (يحيل) بياءين وهى خطأ فى النسخ فهى (حيل) جمع حيلة.