ويحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم ، يهلكون أنفسهم ، ويسعون فى الخطر بأيمانهم (١) :
إن الكريم إذا حباك بودّه |
|
ستر القبيح وأظهر الإحسانا |
وكذا الملول (٢) إذا أراد قطيعة |
|
ملّ (٣) الوصال وقال كان وكانا |
قوله جل ذكره : (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
من تمام مثل المنافقين ـ كذلك أصحاب الغفلات ـ إذا حضروا مشاهد الوعظ ، أو جنحت (٤) قلوبهم إلى الرقة ، أو داخلهم شىء من الوهلة تقرب أحوالهم من التوبة ، وتقوى رغبتهم فى الإنابة حتى إذا رجعوا إلى تدبرهم ، وشاوروا إلى قرنائهم ، أشار الأهل والولد عليهم بالعود إلى دنياهم ، وبسطوا فيهم لسان النصح ، وهدّدوهم بالضعف والعجز ، فيضعف قصودهم ، وتسقط إرادتهم ، وصاروا كما قيل :
إذا ارعوى ، عاد إلى جهله |
|
كذى الضنى عاد إلى نكسة |
وقال : «ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم» يعني سمع المنافقين الظاهر وأبصارهم الظاهرة ، كما أصمهم وأعماهم بالسر ، فكذلك أرباب الغفلة ، والقانعون من الإسلام بالظواهر ـ فالله تعالى قادر على سلبهم التوفيق فيما يستعملونه من ظاهر الطاعات ، كما سلبهم التحقيق فيما يستبطنونه من صفاء الحالات.
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
العبادة موافقة الأمر ، وهى استفراغ الطاقة فى مطالبات تحقيق الغيب ، ويدخل فيه التوحيد بالقلب ، والتجريد بالسر ، والتفريد بالقصد ، والخضوع بالنفس ، والاستسلام للحكم. ويقال اعبدوه بالتجرد عن المحظورات ، والتجلد فى أداء الطاعات ، ومقابلة الواجبات
__________________
(١) جمع يمين ومعناها هنا اليد.
(٢) وردت (الملوك) وهى خطأ فى النسخ.
(٣) وردت (ملا) وهى خطأ فى النسخ.
(٤) وردت في ص (جنهت) وهى خطأ فى النسخ.