ولد فى ربيع الأول عام ٣٧٦ ه الموافق يوليو ٩٨٦ م.
وتوفى فى يوم الأحد السادس عشر من ربيع الآخر عام ٤٦٥ ه وهو عربى النسب من جهة أبيه فهو من قبيلة قشير العدنانية المتصلة بهوازن ، ويذكر ابن حزم أن سلالات من قشير اتجهت إلى المغرب نحو الأندلس إبّان الفتح الإسلامى زمن الأمويين ، واتجه بعضها إلى المشرق وكان منها ولاة وقواد على خراسان ونيسابور. (جمهرة الأنساب ٢٧٣ و ٤٥٩) كذلك فإن القشيري عربى النسب من جهة أمه فهى سلمية وأخوها أبو عقيل السلمى من وجوه دهاقين أستوا ، واستوا هى الناحية التي ولد فيها القشيري وتلقى بها تعليمه الأولىّ.
وحدث أن اجتاحت المنطقة ضائقة اقتصادية ، ففكر الأهالى فى إرسال لفيف من أبنائهم إلى نيسابور لكى يتلقوا من دروس الحساب ما يمكّنهم ـ بعد عودتهم ـ من المشاركة فى تنظيم الأمور الاقتصادية ، وكان القشيري أحد هؤلاء الأبناء.
وبدأ القشيري فى نيسابور يتهيأ لهذا اللون من الدراسة ، ولكنه ما لبث أن انصرف عنها عند ما اجتذبته مجالس الفقه والكلام والحديث والتفسير والأدب ، ولم تبخل نيسابور عليه بزاد ، فلقد كانت فى ذلك الوقت تعج بالنشاط الفكرى ، وتحفل بكبار الشيوخ أمثال ابن فورك ، ومحمد بن أبى بكر الطوسي ، وأبى إسحق الاسفرايينى ، وقد ظفر القشيري فى كنف هؤلاء الأئمة برعاية خاصة حينما أتيح له الاتصال بهم ، وأتيح لهم معرفته عن قرب ، ووضح لهم فيه حسن الاستعداد ، والدأب ، واستقامة الخلق.
ولم يكن القشيري يضيع فترة ما بعد الدرس هباء ، بل كان ينكب على القراءة والاستذكار وكان شديد الولع بالعلوم العقلية ، وبخاصة تلك التي تتناول المسائل التي طالما اشتجر الخلاف حولها بين الأشاعرة وأهل الاعتزال ، واستوعب فى هذه الفترة معظم ما صنّف الباقلاني.
وجاء يوم سأل فيه الإمام الاسفرايينى تلميذه القشيري ـ حين وجده لا يكتب كما يكتب سائر الطلاب : أما علمت يا بنى أن هذا العلم لا يحصل بالسماع؟
(ولكن القشيري أعاد عليه كل ما سمعه ، وقرره أحسن تقرير ، من غير إخلال بشىء فتعجّب منه وأكرمه ، وقال له ما كنت أدرى يا بنى أنك بلغت هذا المحل ، فلست تحتاج إلى درس يكفيك أن تطالع مصنفاتى ، وتنظر فى طريقتى ، وإن أشكل عليك شىء طالعتنى به