والثانى : أن تكون «من» بمعنى الّذى و «تطوّع» جملة فعلية لا موضع لها من الإعراب لأنّها وقعت صلة ، والجملة إذا وقعت صلة لا يكون لها موضع من الإعراب لأنّها لم تقع موقع مفرد ، هذا على قراءة من قرأ «تطوع» بالتخفيف. فأمّا على قراءة من قرأ «يطوّع» بالتشديد والياء «فمن» شرطية لا غير ، والفعل مستقبل مجزوم بها ، وأصله (يتطوع) فاجتمعت التاء والطاء ، والتاء مهموسة والطاء مجهورة مطبقة ، فاستثقلوا اجتماعهما فأبدلوا من التاء طاء ، وأدغموا الطاء فى الطاء ؛ و «خيرا» منصوب لأن التقدير فيه ، ومن تطوّع بخير. فحذف حرف الجرّ فاتصل الفعل به فنصبه. (فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ) جواب الشرط ، والجملة فى موضع جزم (بمن) الشرطية كقوله تعالى :
(مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ)(١)
فإن موضع قوله : فلا هادى له جزم لأنه جواب الشرط ولهذا جزم (يذرهم) لأنه معطوف عليه.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (١٦١).
«أولئك» مبتدأ أول ، و (لَعْنَةُ اللهِ) فى رفعه وجهان :
أحدهما : أن يكون مرفوعا بالظرف على كلا المذهبين ، لأنه جرى خبرا.
الثانى : أن يكون (لَعْنَةُ اللهِ) مبتدأ ثانيا و «عليهم» خبره مقدّم عليه ، والمبتدأ الثانى وخبره فى موضع رفع لأنه خبر للمبتدأ الأوّل ، والمبتدأ الأوّل وخبره خبر إنّ.
وقرئ ، لعنة الله والملائكة والناس أجمعون. برفع الملائكة والناس بالعطف
__________________
(١) سورة الأعراف ١٨٦.