قوله تعالى : (وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ) (١٥٤).
اللام ، لام كى ، وهى متعلقة بفعل مقدر دل عليه الكلام وتقديره ، وليبتلى الله ما فى صدوركم أوجب عليكم القتال. (وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ) ، معطوف على ليبتلى ، والكلام عليهما واحد.
قوله تعالى : (لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى) (١٥٦).
إنما قال : إذا ضربوا ، فأتى بالفعل الماضى بعد (إذا) وهى للاستقبال ، لأن إذا بمنزلة إن ، وإن تنقل الفعل الماضى إلى معنى المستقبل ، ألا ترى أنك تقول : إن قمت قمت. أى : إن تقم أقم. فكذلك (إذا) لأنها تتنزّل منزلتها. وغزّى ، جمع غاز على حد جمع الصحيح ، فإن فاعلا من الصحيح يجمع على فعّل نحو ، شاهد وشهّد ، وبازل وبزّل. وإن كان المعتل ، إذا كان على وزن فاعل يجمع على فعلة ، وهو من الأبنية التى يختص بها المعتل : نحو ، قاض وقضاة ، ورام ورماة لأن المعتل يختص بأبنية ليست للصحيح كفيعل كسيّد وجيّد وهيّن وميّت : وبفيعلولة. نحو ، كينونة ، وسيدودة ، وقيدودة ، وهيعوعة. وأصلها : كيّنونة ، وسيدّودة ، وقيّدودة ، وهيّعوعة بالتشديد ، إلا أنه خفّف ، وتخفيفه على سبيل الوجوب لا على سبيل الجواز بخلاف ، سيّد وجيّد لما ذكرنا فى كتاب الانصاف فى مسائل الخلاف (١).
قوله تعالى : (لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ) (١٥٦).
هذه اللام فى (ليجعل) لام العاقبة ، ومعناه ، لتصير عاقبتهم إلى أن يجعل الله جهاد المؤمنين وإصابة الغنيمة أو الفوز بالشهادة حسرة فى قلوبهم. وهذا كقوله تعالى :
__________________
(١) الإنصاف ح ٢ ص ٤٦٩ المسألة ١١٥.