فأعلم جل وعز أنه المنشئ له في حال اختلاف أكله ، ويجوز أن يكون أنشأه ولا أكل فيه مختلفا أكله ، لأن المعنى : مقدّرا ذلك فيه ، كما تقول : لتدخلنّ منزل زيد آكلين شاربين. فالمعنى : أنكم تدخلون مقدّرين ذلك. وسيبويه هو دلّ على هذا وبيّنه في قوله (١) : مررت برجل معه صقر صائدا به غدا ، فنصب" صائدا" على الحال. والمعنى : مقدّرا به الصيد.
قوله تعالى : (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ) أمر إباحة.
(وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) قرأ ابن عامر وعاصم وأبو عمرو : «حصاده» بفتح الحاء ـ وهي لغة بني تميم وأهل نجد ـ ، وكسرها الباقون (٢) ـ وهي لغة أهل الحجاز ـ.
قال سيبويه (٣) : وهو الأصل.
وفي المراد بهذا الحق قولان :
أحدهما : أنّه الزكاة. قاله ابن عباس ، وأنس بن مالك ، وسعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، ومحمد ابن الحنفية ، وقتادة (٤).
__________________
(١) انظر : الكتاب لسيبويه (٢ / ٤٩).
(٢) الحجة للفارسي (٢ / ٢١٧) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ١٥١) ، والكشف (١ / ٤٥٦) ، والنشر (٢ / ٢٦٦) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢١٩) ، والسبعة في القراءات (ص : ٢٧١).
(٣) الكتاب (٤ / ١٢).
(٤) أخرجه الطبري (٨ / ٥٤) ، وابن أبي حاتم (٥ / ١٣٩٨) ، وابن أبي شيبة (٢ / ٤٠٧ ح ١٠٤٧٥) ، والبيهقي في سننه (٤ / ١٣٢) ، وابن عدي في الكامل (٧ / ٢٧٨) ، والنحاس في ناسخه (ص : ٤٢١). وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٣٧٠) وعزاه لابن أبي حاتم والنحاس وابن عدي والبيهقي في سننه عن أنس بن مالك. ومن طريق آخر عن ابن عباس ، وعزاه لابن المنذر وابن أبي ـ