أَجَلُهُمْ) أي : لعل آجالهم قريبة فيستدركوا الفارط بالتوبة والإيمان ، خوفا أن يهلكوا على الكفر ، فيصيروا إلى النار ، (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ) أي : بعد القرآن وحججه البالغة ، ومواعظه الشافية ، واشتماله على علم ما كان ويكون (يُؤْمِنُونَ).
ثم ذكر سبب توغلهم في مهالك الردى مع إثارة مسالك الهدى ، فقال : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) قرأ أبو عمرو وأهل الكوفة : «ويذرهم» بالياء ، لكنه رفع الفعل على الاستئناف ، وجزمه الكوفيون عطفا على موضع الفاء ، وقرأ الباقون : بالنون والرفع (١).
أخبرنا المؤيد بن محمد بن علي الطوسي في كتابه قال : أخبرنا عبد الجبار بن محمد بن أحمد الخواري ، أخبرنا علي بن أحمد النيسابوري ، أخبرنا محمد بن إبراهيم بن يحيى ، أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر ، أخبرنا جعفر بن محمد الزيادي ، حدثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة (٢) ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن خالد الحذّاء ، عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن الحارث قال : «خطبنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالجابية (٣) ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : من يهده الله فلا مضل له ، ومن
__________________
(١) الحجة للفارسي (٢ / ٢٨٢) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٣٠٣) ، والكشف (١ / ٤٨٥) ، والنشر (٢ / ٢٧٣) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٣٣) ، والسبعة في القراءات (ص : ٢٩٨).
(٢) عبيد الله بن محمد بن حفص بن عمر بن موسى بن عبيد الله بن معمر القرشي التيمي ، أبو عبد الرحمن البصري ، المعروف بالعيشي وبالعائشي وبابن عائشة ؛ لأنه من ولد عائشة بنت طلحة بن عبيد الله ، ثقة جواد ، رمي بالقدر ولم يثبت (تهذيب الكمال ١٩ / ١٤٧ ـ ١٥١ ، والتقريب ص : ٣٧٤).
(٣) الجابية : قرية من أعمال دمشق ، ثم من عمل الجيدور ، من ناحية الجولان ، قرب مرج الصفر في شمالي حوران ، وفي هذا الموضع خطب عمر خطبته المشهورة (معجم البلدان ٢ / ٩١).