قالت : نعم. فلما وضعته صالحا سمّته برضا آدم عبد الحارث (١). ولم يريدا عليهماالسلام أن الحارث ربه ومالكه ، وإنما ظنّا أنه كان السبب في نجاته ، فأضافاه إليه إضافة طاعة وخضوع ، كقول الشاعر :
وإنّي لعبد الضّيف من غير ذلة |
|
وما فيّ إلا ذاك من شيم العبد (٢) |
وإلى هذا أشار قتادة بقوله : جعلا له شركا في الاسم لا في العبادة (٣) ، وهاهنا تم الكلام.
ثم نزّه نفسه عما يقوله الكافرون ، فقال جل وعز : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).
وقيل : التقدير : فلما آتاهما صالحا جعل أولادهما له شركاء ، على حذف المضاف ، وكذلك (فِيما آتاهُما) ، ودلّ على هذا التأويل قوله : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).
(أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (١٩٣) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٩٤)
__________________
(١) أخرجه الطبري (٩ / ١٤٧) ، وابن أبي حاتم (٥ / ١٦٣٢). وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٦٢٤) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٢) البيت لقيس بن عاصم المنقري ، وهو في : القرطبي (٧ / ٣٣٩) ، وزاد المسير (٣ / ٣٠٣) ، والوسيط (٢ / ٤٣٥) ، وروح المعاني (٩ / ١٤٢).
(٣) أخرجه الطبري (٩ / ١٤٧) ، وابن أبي حاتم (٥ / ١٦٣٤). وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٦٢٦) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.