من أخلاقهم ، ولا يستقصي عليهم فينفرهم.
وقيل : المعنى : خذ ما تيسر من صدقاتهم ، ثم نسخ بالزكاة المفروضة.
وقيل : هو أمر بمساهلة الكفار ، فيكون منسوخا بآية السيف (١).
قوله تعالى : (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) قال عطاء : لا إله إلا الله (٢).
والمشهور في التفسير : عمومه في كل ما تعرف العقول حسنه من مكارم الأخلاق.
(وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) يعني : المشركين.
فعلى هذا : تكون منسوخة بآية السيف.
وقد يمتحن بهذه الآية فيقال : ما آية نسخ طرفاها وبقي وسطها؟ فيجاب بهذه.
والصحيح : أنها كلها محكمة ، والمعنى : لا تكافئ الجاهلين بسفههم إكراما لنفسك النفيسة عن الأخلاق الخسيسة.
وقال الربيع بن أنس : الناس رجلان : مؤمن وجاهل ، فأما المؤمن فلا تؤذه ، وأما الجاهل فلا تجاهله (٣).
__________________
(١) الناسخ والمنسوخ لابن سلامة (ص : ٩٠ ـ ٩١) ، والناسخ والمنسوخ لابن حزم (ص : ٣٨) ، ونواسخ القرآن لابن الجوزي (ص : ٣٤٠ ـ ٣٤٢).
قلت : هذه الآية من عجيب المنسوخ ؛ لأن أولها منسوخ ـ وهو قوله تعالى : (خُذِ الْعَفْوَ) ـ وآخرها منسوخ ـ وهو قوله تعالى : (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) ـ ، وأوسطها محكم ـ وهو قوله تعالى : (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) ـ. (انظر : الناسخ والمنسوخ لابن سلامة ولابن حزم ، الموضعان السابقان).
(٢) ذكره القرطبي (٧ / ٣٤٦) ، والبغوي (٢ / ٢٢٤).
(٣) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٦ / ٣٥٣) ، وأبو نعيم في الحلية (٢ / ١١١) كلاهما من حديث ـ