ويدل على إحكامها بالمعنى الذي ذكرت ، ما أخرج البخاري بإسناده عن ابن عباس قال : «قدم عيينة بن حصن فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس ، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر ، فقال عيينة لابن أخيه : يا ابن أخي هل لك وجه عند هذا الأمير [فتستأذن عليه. فاستأذن](١) الحر لعيينة ، فأذن له عمر ، فلما دخل عليه قال : ها يا ابن الخطاب ، والله ما تعطينا [الجزل](٢) ، ولا تحكم بيننا بالعدل ، فغضب عمر حتى همّ أن يقع به. فقال له الحر : يا أمير المؤمنين ، إن الله عزوجل قال لنبيه صلىاللهعليهوسلم : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) وإن هذا من الجاهلين ، فو الله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه ، وكان وقّافا عند كتاب الله» (٣).
ويروى : «أن النبي صلىاللهعليهوسلم سأل جبريل عن هذه الآية ، فقال : لا أدري حتى أسأل ، ثم رجع فقال : يا محمد! إن ربك يأمرك أن تصل من قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتعفو عمن ظلمك» (٤).
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما نقصت صدقة من مال ، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزّا ، ولا تواضع أحد لله إلا رفعه الله» (٥).
__________________
ـ الربيع بن خثيم.
(١) في الأصل : فتستان عليه فاستان. والتصويب من الصحيح.
(٢) في الأصل : الجزيل. والتصويب من الصحيح.
(٣) أخرجه البخاري (٤ / ١٧٠٢ ح ٤٣٦٦).
(٤) أخرجه الطبري (٩ / ١٥٥). وذكره ابن حجر في فتح الباري (٨ / ٣٠٦) وعزاه للطبري مرسلا ، وابن مردويه موصولا.
(٥) أخرجه مسلم (٤ / ٢٠٠١ ح ٢٥٨٨).