ومعنى قوله : " مردوا" أي : مرنوا على النفاق وتمهروا فيه.
وفي قوله تعالى : (لا تَعْلَمُهُمْ) تحقيق لمعنى مرودهم في النفاق وتوغلهم فيه ، بحيث خفي على أنور الناس بصيرة وأدقهم نظرا وأصدقهم قرآنية.
وفي قوله : (نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) تهديد لهم وتخويف من سوء عاقبة نفاقهم.
(سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ) قال ابن عباس وأكثر المفسرين : المرة الأولى : فضيحتهم ، «فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قام خطيبا يوم جمعة فقال : اخرج يا فلان فإنك منافق ، فأخرج ناسا ففضحهم» (١).
والمرة الثانية : عذاب القبر (٢).
وقال الحسن : سنعذبهم مرة بأخذ الزكاة من أموالهم ، ومرة بنهك أبدانهم في الجهاد (٣).
وقال مقاتل بن سليمان (٤) : سنعذبهم عند الموت بضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم ، وفي القبر بمنكر ونكير.
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ١٠) ، وابن أبي حاتم (٦ / ١٨٧٠) ، والطبراني في الأوسط (١ / ٢٤١ ح ٧٩٢).
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ٣٤) : فيه الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي ، وهو ضعيف.
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ١٠) ، وابن أبي حاتم (٦ / ١٨٧٠). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٣ / ٤٩٢).
قلت : ولابن عباس قول آخر هو : أن إحدى المرتين : الحدود ، والأخرى : عذاب القبر. لكن الطبري عقب على هذا القول (١١ / ١١) بقوله : ذكر ذلك عن ابن عباس من وجه غير مرضي.
(٣) أخرجه الطبري (١١ / ١١). وذكره الماوردي (٢ / ٣٩٧) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٣ / ٤٩٣).
(٤) تفسير مقاتل (٢ / ٦٨).