قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) يعني : المطر (لَكُمْ) متعلق ب «أنزل» وب «شراب» فيكون خبرا له (١) ، والشراب : ما يشرب ، (وَمِنْهُ شَجَرٌ) على حذف المضاف ، أي : ومنه شرب شجر ، أو يكون المعنى : ومنه ينشأ الشجر ويتكوّن.
فعلى المعنى الأول : «من» للتبعيض ، وعلى الثاني : لابتداء الغاية. والمراد به : الشجر الذي ترعاه المواشي ، لقوله : (فِيهِ تُسِيمُونَ) أي : ترعون. يقال : أسمت الماشية وسامت هي فهي سائمة (٢) ، واشتقاقه من السّمة ، وهي العلامة ، فكأنها تؤثر برعيها في الأرض علامات وآثارا.
قوله تعالى : (يُنْبِتُ لَكُمْ) وقرأ أبو بكر عن عاصم : «ننبت» بالنون (٣) ، (لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ) يعني : الحبوب (وَالزَّيْتُونَ) جمع ، واحدته : زيتونة (وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) «من» للتبعيض ؛ لأن كل الثمرات لا تكون إلا في الجنة.
قوله تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) ذلّلهما لمصالحكم ومنافعكم ، (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ) قال الأخفش (٤) : المعنى : وجعل لكم النجوم مسخرات. وجاز إضمار فعل غير الأول ؛ لأن هذا المضمر في المعنى مثل المظهر ، وقد تفعل العرب أشدّ من هذا. قال الراجز :
__________________
(١) الدر المصون (٤ / ٣١٥ ـ ٣١٦).
(٢) انظر : اللسان (مادة : سوم).
(٣) الحجة للفارسي (٣ / ٣١) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٣٨٦) ، والكشف (٢ / ٣٤) ، والنشر (٢ / ٣٠٢) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٧٧) ، والسبعة في القراءات (ص : ٣٧٠).
(٤) معاني الأخفش (ص : ٢٣٦).