قوله تعالى : (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ) أي : أنمناهم فيه إنامة ثقيلة سدّت منافذ أسماعهم. والتقدير : ضربنا على آذانهم حجابا ، فحذف المفعول ، كما يقال : بنى على امرأته ، يريدون : بنى عليها قبة ، ومنه قوله تعالى : (وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ) [القصص : ٢٣] ، يريد : غنمهما (قالَتا لا نَسْقِي) [القصص : ٢٣] تريدان : الغنم.
(سِنِينَ عَدَداً) قال الزجاج (١) : «عددا» منصوب على ضربين :
أحدهما : على المصدر ، المعنى : تعدّ عددا.
ويجوز أن يكون نعتا للسنين ، المعنى : سنين ذات عدد.
والفائدة في قولك عدد في الأشياء المعدودة : أنك تريد توكيد كثرة الشيء ؛ لأنه إذا قلّ فهم مقدار عدده ، فلم يحتج إلى أن يعدّ ، وإذا كثر احتاج إلى أن يعدّ.
قوله تعالى : (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ) أي : أيقظناهم من نومهم (لِنَعْلَمَ) أي : لنرى.
وقال الزمخشري (٢) : الله عزوجل لم يزل عالما بذلك ، وإنما أراد ما تعلّق به العلم من ظهور الأمر لهم ، ليزدادوا إيمانا واعتبارا ، ويكون لطفا لمؤمني زمانهم ، وآية بيّنة لكفّاره.
وقرأ أبو الجوزاء والنخعي : «ليعلم» بياء مضمومة (٣).
__________________
ـ الدر (٥ / ٣٦٩) وعزاه لعبد الرزاق وابن المنذر.
(١) معاني الزجاج (٣ / ٢٧١).
(٢) الكشاف (٢ / ٦٦٠).
(٣) زاد المسير (٥ / ١١٤).