وعدهم ثواب الدنيا وثواب الآخرة ، كما قال تعالى : (فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ) [آل عمران : ١٤٨].
فإن قيل : على هذا ما تصنع بقوله عليهالسلام : «نحن معاشر الأنبياء أشد الناس بلاء ، ثم الأمثل فالأمثل» (١). فأين الحياة الطيبة مع شدة البلاء؟
قلت : المؤمن الصالح إما منعم عليه فيشكر ، وإما مبتلى فيرضى ويصبر ، ثقة منه بثواب الله وحسن جزائه ، وعلما منه بفناء الدنيا وهونها على الله.
أخرج الإمام أحمد في كتاب الزهد (٢) بإسناده : «أن أبا الدرداء كان يقول : أحب الموت وتكرهونه ، وأحب السقم وتكرهونه ، وأحب الفقر وتكرهونه».
وكان حذيفة يقول : «إن أقرّ أيامي لعيني يوم أدخل على أهلي وهم يشكون إليّ الحاجة» (٣).
ودخلوا على سويد بن شعبة وقد أضنى على فراشه ، فلولا أن امرأته كلّمته ما علموا أن تحت الثوب أحدا ، فقال : والله ما أحب أن الله نقصني منه قلامة ظفر (٤).
ودخلوا على عابد مبتلى ، فقيل له : كيف أصبحت؟ قال : أصبحت وكل عرق مني يألم على حدة ، وأحبه إليّ أحبه إلى الله (٥).
وأخبار الراضين بالقضاء يفوت حد العدد والإحصاء.
__________________
(١) أخرجه الترمذي (٤ / ٦٠١ ح ٢٣٩٨) ، وابن ماجه (٢ / ١٣٣٤ ح ٤٠٢٣).
(٢) الزهد (ص : ١٧١).
(٣) أخرجه البيهقي في شعبه (٧ / ٢٣١ ح ١٠١٢١).
(٤) أخرجه ابن أبي عاصم في الزهد (ص : ٣٥٩).
(٥) ذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة (٤ / ٢٨٧).