(فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (٩٨) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ)(١٠٠)
قوله تعالى : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) أي : إذا أردت قراءته ، كقوله : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) [المائدة : ٦] ، و (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) [الطلاق : ١] ، ومثله : إذا أكلت فقل : بسم الله. وهذا قول جمهور العلماء.
ويروى عن أبي هريرة : أن الاستعاذة بعد الفراغ من القراءة ، أخذا بظاهر اللفظ ، وإليه ذهب داود (١).
وقد فسرنا الاستعاذة في مقدمة الكتاب.
قوله تعالى : (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) أي : ليس للشيطان على المؤمنين سلطان وولاية ، كما قال : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) وقد فسرناه في الحجر (٢).
(وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) في حراستهم منه. جعل سبحانه الإيمان والتوكل عليه سببا مانعا من تسلط اللعين واستيلائه ، ودفعا لشر إضلاله وإغوائه.
(إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ) بطاعته (وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ) أي : بالله
__________________
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٨٢ ـ ٨٣) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٤ / ٤٩٠).
وداود هو : ابن علي بن خلف الفقيه الظاهري ، أحد الأئمة المجتهدين في الإسلام ، تنسب إليه الطائفة الظاهرية ، توفي سنة ٢٧٠ ه (انظر : ترجمته في : سير أعلام النبلاء ١٣ / ٩٧ ـ ١٠٨) ، ولسان الميزان (٢ / ٤٢٢ ـ ٤٢٣).
(٢) آية رقم : ٤٢.