(مُشْرِكُونَ). هذا قول مجاهد (١). وهو من باب ما جاء في التنزيل من الضميرين المختلفين ؛ كقوله : (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ) [التوبة : ٤٠] فالهاء الأولى للصّدّيق ، والثانية للرسول صلىاللهعليهوسلم ، وكقوله : (الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ) [محمد : ٢٥] فالضمير في «سوّل» للشيطان ، وفي «أملى لهم» لله عزوجل ، وكقوله : (لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ) [الفتح : ٩](٢).
وقيل : المعنى : والذين هم به ، أي : بسبب إغوائه وإضلاله مشركون ، فيتّحد الضميران ، وهو قول ابن قتيبة.
(وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٠١) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ)(١٠٢)
قوله تعالى : (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ) قال ابن السائب وغيره : كان إذا نزلت آية فيها شدة ثم [نزلت](٣) آية ألين منها ناسخة لها ، قال كفار مكة : والله إن محمدا يسخر من أصحابه ، يأمرهم اليوم بأمر ويأتيهم غدا بما هو أهون منه ، فنزلت هذه الآية (٤).
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٤ / ١٧٥) ، ومجاهد (ص : ٣٥١) ولفظه : يعدلون بالله عزوجل. وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٤ / ٤٩١) ، والسيوطي في الدر (٥ / ١٦٦) وعزاه لابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) وهي قراءة ابن كثير وأبو عمرو ، وقرأ حفص بالتاء في أربعتهن.
(٣) في الأصل : نزل.
(٤) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٨٤) ، وأسباب نزول القرآن (ص : ٢٨٨) ، وابن الجوزي في زاد ـ