الأحبار : خوفنا؟ فقال : إن لجهنم زفرة ما يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا وقع جاثيا على ركبتيه ، حتى إن إبراهيم خليل الرحمن صلىاللهعليهوسلم ليدلي بالخلة فيقول : يا رب أنا خليلك إبراهيم لا أسألك إلا نفسي ، وأن تصديق ذلك في كتاب الله : (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها)(١).
(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (١١٢) وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ)(١١٣)
قوله تعالى : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً) وهي مكة ، في قول جمهور المفسرين (٢).
وقال الحسن : قرية أوسع الله على أهلها حتى كانوا يستنجون بالخبز ، فبعث الله تعالى عليهم الجوع حتى كانوا [يأكلون](٣) ما يقعدون (٤).
وقد تكلمنا على إعراب هذا فيما سبق من هذه السورة (٥).
(كانَتْ آمِنَةً) ذات أمن لا يهاج أهلها ولا يغار عليهم ، كقوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) [العنكبوت : ٦٧].
__________________
(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٧ / ٤٩ ، ٥٤).
(٢) أخرجه الطبري (١٤ / ١٨٥). وذكره السيوطي في الدر (٥ / ١٧٤) وعزاه لابن جرير.
(٣) زيادة من زاد المسير (٤ / ٤٩٩).
(٤) زاد المسير (٤ / ٤٩٩).
(٥) عند قوله تعالى : ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً [آية رقم : ٧٥].