فمن رفع فعلى معنى : هذه سورة. و" أنزلناها" صفة ل" سورة" (١).
وقال الأخفش : " سورة" ابتداء وخبره في" أنزلناها" (٢).
وردّ هذا القول الزجاج (٣) وغيره ؛ لأن النكرة لا يبتدأ بها إلا إذا وصفت ، وإن جعل" أنزلناها وفرّضناها" بقي المبتدأ بلا خبر. وجوّز بعضهم أن تكون" سورة" مبتدأ ، والخبر مضمر ، تقديره : فيما يتلى عليكم سورة أنزلناها ، ولا يجوز أن يقدّر هذا الخبر متأخرا ؛ لأن خبر النكرة يتقدم عليها ، نحو قولك : في الدار رجل وله مال ، ولا يحسن : رجل في الدار ومال له ؛ لقلة الفائدة فيه.
ومن نصب فعلى معنى : أنزلنا سورة ، أو : اقرأ سورة أنزلناها (٤).
(وَفَرَضْناها) قرأ ابن كثير وأبو عمرو : " وفرّضناها" بالتشديد ، على معنى : كثّرنا فرائضها ، أو فصّلنا وبيّنا ما فيها من الفرائض (٥). وقرأ الباقون بالتخفيف ، على معنى : فرضنا ما فيها وألزمنا العمل بها.
قال أبو علي (٦) : التخفيف يصلح للقليل والكثير. ومن حجّة التخفيف قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ) [القصص : ٨٥] ، والمعنى : أحكام القرآن وفرائض القرآن ، كما أن التي في سورة النور كذلك.
__________________
(١) انظر : الدر المصون (٥ / ٢٠٧).
(٢) انظر قول الأخفش في : القرطبي (١٢ / ١٥٨).
(٣) انظر : معاني الزجاج (٤ / ٢٧).
(٤) انظر : الدر المصون (٥ / ٢٠٧).
(٥) الحجة للفارسي (٣ / ١٩١) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٤٩٤) ، والكشف (٢ / ١٣٣) ، والنشر (٢ / ٣٣٠) ، والإتحاف (ص : ٣٢٢) ، والسبعة (ص : ٤٥٢).
(٦) الحجة (٣ / ١٩١).