فإن قلت : هل يصح قول من زعم [أن أصله](١) : «لئلا يسمعوا» فحذفت اللام كما حذفت في قولك : جئتك أن تكرمني ، فبقي : أن لا يسمعوا ، فحذفت «أن» وأهدر عملها ، كما في قول القائل :
ألا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى |
|
.................(٢) |
قلت : كل واحد من هذين الحذفين غير مردود على انفراده ، فأما اجتماعهما فمنكر من المنكرات ، على أن صون القرآن عن مثل هذا التعسف واجب.
فإن قلت : أي فرق بين سمعت فلانا يتحدث ، وسمعت إليه يتحدث ، وسمعت حديثه ، وإلى حديثه؟
قلت : المعدّى بنفسه يفيد الإدراك ، والمعدى بإلى يفيد الإصغاء مع الإدراك.
والملأ الأعلى : الملائكة ؛ لأنهم يسكنون السماوات.
وقال ابن عباس : هم الكتبة من الملائكة (٣).
(وَيُقْذَفُونَ) أي : يرمون (مِنْ كُلِّ جانِبٍ) أي : من جميع جوانب السماء أين صعدوا للاستراق.
(دُحُوراً) مفعول له ، أي : يقذفون للدّحور وهو الطّرد ، أو مدحورين ؛ على الحال ، أو هو مصدر على معنى : يدحرون دحورا (٤) ، أو لأن القذف والطرد
__________________
(١) زيادة من الكشاف (٤ / ٣٩).
(٢) صدر بيت لطرفة ، وعجزه : (وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي) ، انظر : ديوانه (ص : ٣٢) ، واللسان (مادة : أنن ، دنا) ، والبحر (٧ / ١٦٣) ، والدر المصون (١ / ٢٧٥ ، ٥ / ٣٧٥) ، والسبع الطوال (ص : ١٧٢) ، والمقتضب (٢ / ١٣٤) ، والهمع (١ / ٦) ، والخزانة (١ / ١١٩).
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤ / ٣٩).
(٤) انظر : التبيان (٢ / ٢٠٥) ، والدر المصون (٥ / ٤٩٦).